تتكون الهوية العائلية من مجموعة من الأنشطة مثل الاحتفالات والعادات والعلاقات والتي تسمى “العادات والتقاليد العائلية”. وتتبنى العديد من العائلات ممارسات محددة يلتزم بها جميع أفراد العائلة ويكررونها باستمرار لتعزيز الروابط العائلية. ولا يقتصر دور العادات والتقاليد العائلية على تعزيز الروابط بين أفراد العائلة فحسب، وإنما تمثل فرصة جيدة لتوجيه النمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال.

توفر العادات والتقاليد العائلية بيئة مستقرة توجه النمو العاطفي للأطفال وتحسّن سلوكهم. وتسهم العادات في تعزيز الشعور بالالتزام عند الطفل وتحسين سلوكه. ومن ناحية أخرى، تبرز أهمية السلوكيات بما توفره للطفل من شعور بالانتماء وهو أمر مهم لتعزيز النمو العاطفي للأطفال الصغار. وتنتقل العادات والسلوكيات من جيل إلى آخر، إذ أنها تمثل إرثاً مهماً للأشخاص. ولذلك فإن أي عادات وتقاليد إيجابية يعتمدها الأشخاص الذين يعتنون بالطفل من أجل تنمية قدراته العاطفية والاجتماعية ستسهم أيضاً في تنمية قدرات الأجيال القادمة من أفراد العائلة.

تبدأ قدرات الأطفال بالنمو ابتداءً من لحظة الولادة!

ولا تعبّر العادات والتقاليد العائلية عن الوقت الذي يقضيه أفراد العائلة مع بعضهم البعض فحسب، وإنما تعبر عن مستوى العلاقات والمشاعر فيما بينهم كذلك. إن العلاقات الجيدة بين أفراد العائلة توفر للطفل البيئة التي يحتاجها ليدرك السلوك المناسب الذي يجب عليه اتباعه ولتعزيز شعوره بالاستقلالية ومهاراته في بناء العلاقات مع الآخرين. ويشعر الأطفال بالأمان في هذه البيئة مما يعزز ثقتهم بنفسهم أثناء تعلمهم اتباع العادات العائلية. وتوفر السلوكيات والتقاليد العائلية فرصة للأشخاص الذين يعتنون بالطفل لاستغلال المناسبات العائلية المعتادة من أجل تعزيز المهارات الاجتماعية والعاطفية التي تسهم في تنشئة الأطفال ليصبحوا شباباً يتمتعون بالكفاءة الاجتماعية ويسهمون في المجتمع بشكل إيجابي.

تختلف العادات والسلوكيات بين عائلة وأخرى، ولكن هناك أمثلة عامة على العلاقات الإيجابية بين أفراد العائلة. حيث تسهم بعض الأنشطة مثل اجتماع أفراد العائلة على مائدة العشاء في تعزيز التفاعل الإيجابي فيما بينهم بحيث يدرك كل فرد منهم أهمية تناول العشاء معاً. وقد أثبتت الأبحاث أن اجتماع العائلة على مائدة العشاء يساهم في تحفيز الأطفال وتنمية سلوكهم الإيجابي والحد من إمكانية اتباعهم سلوكاً خطراً. ويمكن أن تساعد المناسبات الاحتفالية التي يجتمع فيها أفراد العائلة وقضاء وقت ممتع أثناء فترات العطلة في تنمية القدرات الاجتماعية والعاطفية للأطفال وتعزيز العلاقات بين أفراد العائلة باعتبارها وحدة متماسكة. وستسهم هذه الأمثلة في تلقين الأطفال بشكل غير مباشر قيماً عائلية مهمة وتعليمهم كيفية مناقشة الأمور والعناية والاهتمام بالأشخاص المقربين منهم وتقييم تصرفاتهم وتعزيز مرونتهم عند مواجهة المشاكل وتعليمهم أهمية التعاون وتنمية مهارات التواصل مع الآخرين.

للأهل أثرٌ كبيرٌ على حياة أطفالهم منذ البداية.

يمكن للعادات والتقاليد العائلية أن تعزز السلوك الإيجابي عند الأطفال والبالغين والشباب وتوفر علاقات عائلية متماسكة ومستقرة تسهم في تعزيز النمو الصحي للأطفال من جميع الجوانب. ولا شك أن العادات والتقاليد العائلية الجيدة أكثر أهمية من الوقت الذي يقضيه أفراد العائلة معاً وتسهم في الحصول على نتائج إيجابية.

عرض المصادر